اللاجئون في الجزائر … بين المعاناة وصراع البقاء

 images  اجتاحت الحروب كل بقاع الأرض و أصبح الإنسان دون عنوان وضاعت الإنسانية بين أدراج مكاتب صنع القرار ، بوتيرة متصاعدة انتقل شبح الحروب إلى العالم العربي اصطلح عليها بإسم : الربيع العربي ، بالإضافة إلى موجة الإرهاب الإسلامي المعروف بدولة الخلافة الإسلامية ،  التي اجتاحت الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والذي تمخض عنه العديد من الأزمات ، التشرد و  التمرد على النظام و الهجرة والهرب من ويلات الحروب إلى الدول المستقرة ، وهذا ما أدى إلى أزمة اللاجئين على المستوى العالمي.
يعاني العالم اليوم من أزمة اللاجئين واعدادهم الهائلة ، والجزائر واحدة من بين العديد من الدول التي فتحت وافسحت المجال أمام هؤلاء اللاجئين من سوريا وحتى الأفارقة ، وعندما نقول الأفارقة فإننا نذكر ليبيا ومصر ومالي والنيجر،  موريتانيا والصحراء الغربية وحتى الجارة تونس بالإضافة إلى قطاع غزة .
منذ عام 2010 م و بداية عام 2011 م بدأت أعداد كبيرة من اللاجئين بدخول الأراضي الجزائرية ، فالاخوة السوريون  استفادوا من عدم وجود التأشيرة،  الأمر الذي سهل عليهم الهجرة والاستقرار بالجزائر و الانصهار في المجتمع الجزائري ، خاصة ميسوري الحال الذين استثمروا في التجارة ، اما في مايخص الأفارقة فهم دخلوا إلى الجزائر بصفة غير رسمية واختاروا الهجرة الغير شرعية بقطع الصحراء وصولا إلى شمال الجزائر،  واستقروا بأعداد هائلة في العاصمة والمناطق الساحلية ، إن عدد اللاجئين  السوريين بالجزائر أكثر من 15 الف لاجئ اما الأفارقة فلا يمكن تقدير عددهم بسبب طريقة عيشهم القائمة على الترحال ويمكن تقدير عددهم أكثر من 30 الف لاجيء  .
Insta photo editor1442598232966
حالة الفوضى يعيشها هؤلاء اللاجئين وكمثال على ذلك الصور التي نراها كل يوم في  أطراف الطرقات وتحت الجسور التي تصنع مشاهد دراماتيكية تعكس حالة البأس  والحرمان .
التسول وبيع المناديل الورقية و الكتب الدينية ، هذا ما يفعله اللاجئين السوريين بالجزائر ، لا يكاد يخلو مسجد من لاجيء سوري مع عائلته أمام الباب حاملين شعارات تخاطب الضمير الإنساني و جوازات السفر السورية بالإضافة إلى بيع المناديل الورقية في الطرقات
وهذا هو حال الشاب -فادي من حلب- عمره 24 سنة يبيع المناديل الورقية و قارورات الماء الصغيرة في محطة القطارات في -الجزائر العاصمة- قال لي أنه هنا فى الجزائر منذ عام 2013 ، تعلم اللغة العامية الجزائرية وأصبح يتحدثها بطلاقة،  وواصل قوله بأنه هو وعائلته هاجروا إلى الجزائر، بعدما تم قصف منزلهم واستقروا بالجزائر العاصمة في بلدية -واد السمار-  لأن  لهم عائلة تسكن هناك قال لي بأن الشعب الجزائري شعب كريم ويحب مساعدة الآخرين و قال لي إنه يمارس هذا العمل منذ عام . وقلت له لماذا لم تبحث عن عمل آخر ؟ أجابني وهو يضحك كيف أجد عمل وشباب الجزائر كلهم يعانون من البطالة ؟ ، لم أستطع أن ارد عليه لأن كلامه حقيقة واكتفيت بالسكوت ، ختم الكلام وهو يدعوا أن تعود سوريا إلى ما كانت عليه ويرجع إلى بلده ومسقط رأسه والدموع تكاد تنهمر من عينيه ودعته ومن ثم ركبت القطار .
Insta photo editor1442596146257
تعتبر الجزائر الدولة السباقة إلى احتواء للاجئين ومساعدتهم وانتشالهم من أهوال تلك الحروب ، فكانت الجزائر بالنسبة لهم البلد الآمن المناسب لعيش الحياة التي فقدوها في بلدانهم ، إلا أن بلد مثل الجزائر الذي يعاني من مشكلة البطالة والسكن وغيرها من المشاكل الاجتماعية ، لا يقدر على التكفل بالحياة الاجتماعية لهؤلاء سوى أنهم كفل لهم حق الدراسة في المدارس الجزائرية ، إلا أن الشعب الجزائري لم يتركوا إخوانهم خاصة السوريين يعيشون المأساة لوحدهم ، فقاموا بمساعدتهم بأبسط الأشياء، الملابس ، الأكل وحتى هناك من تصدق عليهم بالمنازل لوحات من التكافل والتضامن ترسمها أنامل جزائرية لأنهم يدركون جيدا مرارة اللجوء ويذكرهم ذلك بسنوات العشرية السوداء .
انتشار لافت للاجئين الأفارقة في كل مكان في الجزائر  لا يكاد شارع يخلوا منهم في الساحات العمومية وفي قارعة الطريق فى الحافلات في القطارات وحتى مداخل العمارات هذا ما أثار غضب بعض المواطنين خوفا من الأمراض والأوبئة المنتشرة في أفريقيا بالإضافة إلى أن هؤلاء الأفارقة لهم نمط حياة فوضوي ، أولادهم في كل مكان لا يريدون العودة لبلدانهم ويريدون الاستقرار بالجزائر  ،إلا أن الدولة الجزائرية أصدرت تعليمات بعدم التعرض لهؤلاء اللاجئين،  وممارسة حياتهم بشكل عادي تحت حماية الدولة،  وقررت ادخالهم في المؤسسات التعليمية لمن يرغب بذلك ، هذا القرار جاء بعد تلك الشائعات التي تقول بأن الجزائر طردت اللاجئين السوريين والافارقة
Insta photo editor1442596263127
إن الجزائر تعيش اليوم الأمن والاستقرار على غرار باقي الدول في شمال أفريقيا هذا ما يجعلها مهرب للعديد من من ينشد الأمن و الاستقرار فنجد فيها الأشقاء -الفلسطينيين- الذين جعلوا من الجزائر بلدهم الثاني ونجد أيضا أشقائنا من- مصر- الذين لجؤو إلى الجزائر بعد ثورة  25 يناير إخوتنا من ليبيا و تونس وحتى الصحراء الغربية .
إن كل تلك الثورات العربية ( الربيع العربي ) والتنظيم الإرهابي ( دولة الخلافة الإسلامية ) كانت السبب المباشر في أزمة القرن -أزمة اللاجئين- التي يعاني منها العالم اليوم خاصة الاتحاد الأوروبي  كما كانت الجزائر السباقة لاستقبال اللاجئين في قارة أفريقيا كانت ألمانيا السباقة في أوروبا باحتواء كل تلك الأعداد الهائلة من اللاجئين في الوقت الذي اتبع العالم العربي سياسة السكوت ، تحية مني إلى ألمانيا بلد الحريات  وتحية إلى المرأة الحديدية -أنجيلا ميركل –
أصبح المجتمع الجزائري اليوم خليط بشريا يكون مجتمعا إنسانيا يحكمه الضمير الإجتماعي
وأخير ندائي  إلى السلطات الجزائرية وحتى العربية والعالمية أن يعرفوا معنى الإنسانية وان يغيثوا هؤلاء المستضعفين الذين لا ذنب لهم  ، ندائي إلى صانعي القرار في العالم كفانا من كل هذا الدمار وكل هذه الحروب ، ندائي إلى الشعب الجزائري أن يكون شعبا متحضرا و يقف وقفة تضامنية مع هؤلاء اللاجئين .
املي الوحيد أن تخمد نيران الربيع العربي  ويختفي شبح الإرهاب الإسلاماوي برعاية الخلافة الإسلامية ، وتعيش الإنسانية بسلام في هذا الكون.
Insta photo editor1442598033395

– سليماني فرحات

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*